2006/12/02

القصر الكبير بالليل .. فزع وضياع وويل

يتقاطرون مع سدول خيوط الظلام الأولى باحثين عن باعة للسموم ، يقبعون في أماكن معروفة . هم شباب وكهول على حد سواء ، لفهم الفراغ وحركهم الضياع حيث الشيطان يرحب بهم ليحصدوا اللعنة جميعا . وكأن الأمر متعلق بحي " هارليم " الشهير ولسنا في أحياء كائنة بمدينة القصر الكبير . فبعد الثامنة ليلا لا احد يستطيع الخروج من بيته إلا إذا دعت الضرورة القصوى لذلك بحيث تتحول المدينة ، حتى في الأماكن المتوفر ة على الإنارة العمومية ، إلى مغارات رهيبة الأطوار ، عجيبة العمار ، مشوهة الأخبار ، والمصيبة العظمى اختفاء الأمن كأن الشرطة موضوعة لتنظيم حركات السير والكل يعلم أن لا سير فيها منظم ولا شرطة في حجم ما هو في حاجة إلى تنظيم . وحينما نقول الشرطة نعلم مسبقا أن حقوق الصغار فيها كمظاهر ثغور المدينة ، خصاص واشمئزاز وتدمر وترقب لفرج قد يأتي أو لا يأتي . إذ من العبث مطالبة موظف أمني بسيط في راتبه ورتبته أن يبسط لنا الأمان في رقعة سلط عليها التهميش والتفقير وكل ما يجعلها عرضة للمعتوهين والمنبوذين واللقطاء والسماسرة وبائعي المخدرات والمسكرات .. مساحة تعد محج المصابين بمس يقذف بهم على بضع كيلومترات ليلجوها في سلام يضيف لآلامها آلاما أخر ى ومنظرا مؤذيا يضفي على مناظرها الباعثة للتقزز ما يضع علامات استفهام كبيرة الحجم .. إن كنا مسخرة الآخرين أم منقذين لهم بصمتنا الرهيب على مثل التجاوزات ؟ . ليس ببعيد كانت الأسر القصرية ، خاصة البسيطة منها تخرج في نزه ليلية لتستقر في بعض الساحات ومنها " المرس " حيث كان شذي المسك يتعالى من شجيراته الحبلى بزهور تدخل على مشاهديها الغبطة والسرور والمتعة النفسية . الكل يعلم كيف دار الزمن على هذه الأمكنة وكيف تحول شذى المسك إلى روائح تزكم الأنوف وتبعد حتى السكان عن المرور بجانبها أو الوقوف . ، وإن تأسفت عن ضابط يهرول خلف عربة خضر يلتقط بها فقير قوت عائلته ، فإنني مع تأسفي هذا أدركت أن الشرطة في مدينة القصر الكبير عليها مراجعة أسلوب عملها جملة وتفصيلا حتى لا يقال أن الأمن العمومي محليا يستخدم لغايات هو أشرف و أنبل من أن ينعت بها . ولذاك الضابط أقول : حول اهتمامك لما يجري في مصلحة المستعجلات بالمستشفى المدني مثلا حينما تتحول كل ليلة قصرية إلى عراق مصغر ، وهذا يكفى وصفا . الحقيقة مرة وعلينا تقبلها ، ولا تقل لي أيها الضابط أنك لا تعرف أوكار بائع الخمور والسموم على جميع أصنافها ، بل قل لي أن عينيك بصيرة ويديك قصيرة ، ونحن كقصريين جرفنا الصبر لنراك مؤديا خدمات ـ وإن كانت قانونية داخل لجن ما ، لكننا نراها غير ذي أولوية ، فالأجدر أن تتوحد معنا، شعورك بنا وإحساسك بوجودنا حينما نخاطبك وباحترام لتكون منصفا وأنت أمام ضميرك ــ يتبع ــ مصطفى منيغ