2007/01/17

الباشا بين كفتي الكماشة



الباشا بين كفتي الكماشة
طواعية أوكرها دخل "البعض" في مجال المصيدة ، فمن تحرر بعد ذلك فهو تابع، ومن تأخر فثمة قابع. لا فرق بين حليفه اليوم إن كان للثقة يرقى، أم مع المشكوك في أمرهم يبقى.. ما دام صامت عن الحركة ، مشلول لسانه عن خوض أي معركة . بهذا الانطباع يخرج الزائر من جولة فكرية يقضيها صاغيا للباشا وهو يتحدث بملامح وجهه أكثر مما يعبر به لسانه مباشرة ، وكما قلت.. الرجل صامد حتى يظهر مع التعيينات اللاحقة أي جديد لأنه والقصر الكبير كالنقطة والبحر تضاف إليه ولا مجال لبقائها حيث تريد، بل مشاركة تظل مع ظاهرتي المد والجزر مرتطمة على شاطئ برمل ناعم، أو بصخور أوجدها القدر لتتكسر على أطرافها أعنى المشاركات.
صراحة القصر الكبير، رغم ما يقال، يبقى مدرسة قل نظيرها في الوطن. . فمنذ الباشا " التكموتي" بعد الاستقلال بقليل ، إلى الباشا الحالي ، قبله " مصطفى الزعيم "، وأسماء أخري منها " ولد السنيورة" و محمد بناني المعروف لدى القصريين بباشا " ذي القلبين" .. لم تعرف هذه المدينة الشريفة المجاهدة عن جدارة واستحقاق أية استمرارية لبرنامج استصلاحي يواكب تطور العقلية المحلية بصورة شمولية ، تساهم تدريجيا في ضمان تواصل أمني / مجتمعي / إنساني وتوظيف ذلك فيما يدفع عجلة النماء المختلف الاتجاهات والمسارات ليعم التنافس الشريف المكونات الثقافية قبل الاقتصادية ، والفلاحية قبل الصحية ، والسياسية قبل الاختيارات الحزبية ، والتراضي على كلمة صواب قبل الارتماء بين أحضان إغراءات ملاهي التعفن والانحطاط .
الأمر في منتهى البساطة لو فهم الباشا أن التعليمات الواردة عليه ( أتحدث عن المكتوبة) لا ولن تشرح له كيفية التنفيذ ، إذ الأمر مرتبط بمدى ذكائه في التعامل مع الحدث أو الأحداث مثار التعليمات ، وكذا قدرة فكره على اختيار أنسب الأوقات وأنجع الوسائل ليكون ما استلزم المجهود حصاده نافع على الجميع وبلا حق أي طرف ضائع .
من يدعي أن المنتخب يعوض رجل تنفيذ معين بقانون ومكون حسبما يقتضيه المنصب من برامج تعليمية وتداريب تكوينية شاقة .. فهو ناقص وعي . المنتخب ديمقراطي ... شيء ، ورجل تنفيذ معين فشيء آخر . كلاهما كفتي تدبير الشأن المحلي ، لكن الثاني أهم حينما تكون الدولة مطالبة ببسط نفوذها ليعم الوئام .
القصر الكبير انتظر طويلا ليكون على رأس السلطة فيه مسؤول لا يهتم بمرور الأيام ليتوصل كل آخر الشهر بأجرته ويرتاح لو قفل باب مكتبه يأكل الزمن بلا صياح يعكر صفاء مزاجه ... حتى لو كان بشوش المحيا كالباشا الحالي هادئ الطبع ممتصا للغضب سريع المراجعة لكل هفوة يشك إن كانت له يد فيها . بل ليكون على رأس السلطة فيه من يخرج للناس في أضيق زقاق ( درب ابن الهرادية على سبيل المثال) ليطلع عن كثب بما لأمر ، مهما كان بسيطا ، المواطن به ضاق ، حتى إذا كتب هذا الباشا تقريرا يبني عليه اقتراحاته خدمة للمدينة ومستقبل المدينة ، جاء مدركا للحالة كما هي ، وليس اعتمادا على رواة يرسمون اللوحة حسبما تقتضيه الظروف وما يتوصلون به من مصروف . وأن يتصدى هذا الباشا لكل من اغتنم فرصة الإطباق على غنيمة وهو يعلم أنها محرمة عليه بحكم أحقية المنفعة العامة فيها ورغم ذلك يحولها إلى مشروع يلهي به في أبعاده وخلفياته المدينة عن المشاكل الحقيقية والإكراهات الواجب مواجهتها بما يلزم من برامج وإمكانات مادية وإبداعات فكرية . نعلم أن الباشا وهو الأكثر التصاقا بعادات " عمال الأقاليم "ورغباتهم وتصرفاتهم بكيفية عامة ، خاصة وأن الباشا الحالي صاحب تجربة في إدارة ديوان عامل سابق ( عبد السلام العلوي) لعمالة لم يعد لها وجود ( عمالة فاس / المدينة ) فكان الأجدر أن يعينون مكلفا بتدبير شؤون ديوان أي عامل عبر التراب الوطني بدل باشا لمدينة القصر الكبير التي قلت أنها كانت ولا تزال في حاجة لباشا له من الخصوصيات ما تستطيع معه النهوض لطرق العمل الجاد القائم على الاجتهاد المشروع ووضع اليد في اليد مع ذوي الإرادات الطيبة والحسنة وما أكثرهم في هذه المدينة العظيمة . "يتبع
"